Menu

أضحك والعالم سيضحك معك؛ ابكي .. و سوف تبكي وحيدًا

الخميس، 28 سبتمبر 2017

دقت ساعة الحب ..

بين الحب والّلا حب خط فاصل إسمه الخوف، سور عظيم كالذي كان يشطر المانيا شطرين. فالحب مثل أن تنقل الحلم للواقع،  والَلا حب مثل أن تحيا لأجل المآكل والمشرب، وما دون الغذاء والكساء يُعدّ شيئًا ثانويًا يمكن التخلي عنه عند أول درج سُلّم الحياة ..

إلا الحُب .. يأبى أن يكون شيئًا عابراً يمكن تخطيه دون جُرح يميت صاحبه لو لم يؤدي له التحية العسكرية والخضوع المتنامي الَلا متناهي.

أن تحب تعني أن عالمك في طور التحول من اللونين الصامتين المتضادين المتنافرين (الأبيض والأسود) إلى ملون يسُّر الناظرين، تشاهد حياتك كما لو لم تعشها من قبل، وتنظر لذاتك كما لم تعرفها حتى أحببت.


أن تتذوق نكهة أنثى مخلصة لك في محبتها، تعني أنك ستخرج من نطاق ضيق حياتك التي = معيشتك وسلوكياتك مع من هم حولك في بيتك وعملك، ستُحدث فيك تغييرا كبيرا .. زلزالا عظيما يهدم ماضيك ويعيد تشكُلك من جديد.

أن تحب = لن تكون الرجل الذي يتذوق الطعام فيقول هذا حلو وهذا مُر، فذائقتك قد عُدِّلت، لن تذق نكهة حزن (بعد الحب) برغم ما يسقط عليك من مصائب حتى يفارقك الحبيب، عندها ستشعر بوحشية العالم، ويذهب عنك بيت القصيد الذي كان يربط جأشك؛ وتصبح من بعده مثل رجل في سكرات الموت يعاني أشد المعاناة عند خروج روحه، يتغيّر شيئًا فشيئًا حتى يصبح شيئًا لا يمكن تحمله، وهكذا يكون العالم  في عيني عند خروج الحب، من يعرف الحب يقبل به ويقاتل من أجل الحفاظ عليه بكل سبيل متاح له.

أن تحبك الأنثى هذا يعني أنها ستخرج خلسة كل ليلة من بيتها في صحبة قلبها كي تتجول بين السماء والأرض، تعانق القمر في الفضاء، وتهمس للنجوم كل على حِدة، تخبرهم واحداً واحد أنها على موعد مع الحب.

دقت ساعة الحب...

 ألقي بمخاوفك من نافذتك، ودع الحب يحركك، يقودك حيث أراد، عقلك يفتت كل شيء متماسك بداخلك لاجل ان يخلصك من السعادة بزعم الأمان، أنه  يعادل رئيس دكتاتور، يخوف شعبه بالفوضى إذا اتخذوا درب غير دربه ... قائلا: (الأمان مقابل السعادة).

إن العقل يفعل المستحيل  كي يقعدك، إن الذين يقدمون العقل يصلون متأخرين، مثل أن تفتح زجاجة كوكا ثم تغفل عنها لساعة وتعود إليها لينتهي مصيرها داخلك، فما أن تفرغها في فمك كي تمر من جوفك لأعماقك إلا وتشعر أنها فاترة، ذهبت قوتها يوم أن فتحتها وأنشغلت عنها بالفكر، لا تدع العقل سيدا عندما تنتوي أن تحب، أستحضر العقل فقط عند الغضب، وليس عند السعادة.

فالعقل من مفسدات الحب. 



الأحد، 24 سبتمبر 2017

الشوارع فارغة .. إلا منك

كل طريقٍ أخطو على ظهره بقدمين ثابتتين أراكِ فيه تقفين على جانبيِّ الطريق كالنخيل، مُرحبتا بخروجي من منزلي إلى أن أتيك بالخبر اليقين، فأنحت على جذوعك قلبي، وأفرغ ما بي فيك، وأخبرك إني ليك.

تهاتفك روحي، فيُسمع دبيب قلبي من بُعد كذا وكذا، يطوق إليك، وإني لمستبصرا بك، وكلي شوق للقياك...

أعاتبك حين تغيبين، فأجدك في منتصف الطريق تضعين حواجز تعوقني إلى حين، أهجوك شاكيًا مما أجد في نفسي من إحتلال تعدّى حدود تحملي، فتسبق شفتيك كلماتي تقبلني، كي أنعم بوجهٍ سعيد!

هاتفتك الليالي وهجرت أوراق الكتب! فأتاها الغبار مدّعيًا محبتها والإعتناء بها، مهاجرا الشوارع المزدحمة بالمارة ليقطن مكتبتي الفارغة مني بعد أن اطمئن قلبه أني إليها لن اعود !

قلبك مدينة لا تنام...

وعند عودتي للمنزل بعد خلو السماء من الشمس أعدّ قهوتي (السادة) وأذهب بها إلى مكتبي كي أكتبك، فما أن أقدِم على إحتساء أول رشفاتي من قهوتي إلا وأجد نكهتها حلوة في فمي، ويكأني صببتها من فمك.

شحذت همتي كي أقبض على القلم بمجامع يدي لأكتبك، ومع كل حرف اكتبه تقرع طبول القلب، واشعر اني غير قادر على استكمال الكتابة حتى تنتهي المعزوفة، اعني فنجان القهوة، إنني أعلم جيدا أن الرشفة الواحدة لها تتابع ينبغي أن أنتهي منها أولاً حتى أتابع.

ثمَّ وقعت عيني على الجريدة وانا غارق في إحتساء القهوة التي أطمح أن لا تنتهي، فإذا بالأخبار تتحدث عن اعصار وزلزال، فخرج فؤادي عن صمته قائلا... 

" وخالقي ليست امريكا أول من نزل بها اعصار مدمر، وليست المكسيك أخر من ترتج أسوارها من الزلزال، انما انا ايضا قد حلّت علىّ اشياء لا يمكن تحملها، انني اسقط في يديك كقطعة الحلوى في فم الطفل تتناقل بين اسنانه الصغيرة كرقصة على شاطئ بحر ثم تنصهر وتذوب حد التلاشي... فلماذا لا اجد الجرائد تهتم بأخباري ؟ ألست واحد من الناس!

فما ان انتهيت من قهوتي، وطويت الجريدة والقيت بها جانبا، وهممت لأستكمال ما كتبت إلا وحضر النعاس! وأين القهوة التي كنت اتكئ عليها؟ أذهبت مع الريح؟! أم تحللت سريعا كقطعة سكر في فمي؟!

والعجيب الذي كان من القهوة وعلمته حين أصبحت، أن مفعولها لم يكن لأجل إطالة سهرتي على الكرسي! بل لأجل أن يطول أمد نومي، لأن الحبيب أعد العدة منذ الرشفة الأولى كي يتسلل من بين جفون عيني ويأتيني خفية ليكمل سهرته بجانب جسدي النائم، بعد أن أزعجه قرع طبول قلبي، فأتى ملبيًا حاجًا من حول فراشي.

ومنذ تلك الليلة وقد باتت القهوة إكسير حياة، يوم كانت دواء ومرسال غرام، تحملني للحبيب كالسفن الطافية على الماء، ليُنزل على جوارحي السلام، ويعم الأمان سائر جسدى، والقُبل الحمراء لا تفارق وجهي، والنعيم المقيم يأسرني.

فكيف سيكون حالي إذن... لو كنت امامي في يقظتي ومنامي؟!

الأربعاء، 20 سبتمبر 2017

نسيان ... ولكن !

مشاعر جدارية تتصاعد شيئا فشيئا من على أكفف الحياة إلى وسادة متحجرة خالية من كل شيء ذو قيمة، تيقظني من أحلامي لتفتح أمامي بابًا نحاسيًا مصبوغًا بالحنين!

في داخله تلمست جدار.. صامت.. لا يستفيق من يتكئ عليه إلا على صوت الذكريات، أحلامه كعيدان الكبريت، وأمام بوابته صرح عظيم شيدته تراكم أفكار قاطنيه الذين سبقوني على مر العصور، بدأت خطواتي في اكتشافه بتؤدة، توقفت عند بعض معالمه التي اشبعت شيئا ضئيلا من جوع روحي للسعادة، ثم أكملت المسير حتى ترائى لي ان العودة باتت مستحيلة، والحلم هو الآخر بات حقيقة، ليست الحقيقة المتعارف عليها بين الناس بـ (الواقعية) المعاشة التي يمكن ان تتحرك عليها الأقدام أينما شائت وإن رافق مسيرتها بعض التحفظ إلى ان تتخذ لها فيها منزل أو طريق نحو ما تصبو إليه في بناء ما تود ان تكون عليه حياتهم، بل هو سجن ضيق يأبى أن يراني فيه نجما ساطعا سعيدا!


حلم يستأسد على واقعي، يرديه قتيلاً، يشفي غليله ويحني رأسي أمامه تعبدًا مقيتا وإذلالاً سقيما، غدر أعضائي لي يؤلمني كلما رأيتني أسير فيه دون ارادتي، ولا يسعفني عقلي في إتخاذ حيلة تنجيني من هذا السير المنتظم نحو الهاوية، والذي يشبه خطوات الجندي عندما يحتفي  بنفسه أمام القائد وخطواته السريعة وجسده الذي يشبه الخُشب المسنّدة. إن هذا الحال الذي يمثله الجندي أمام قائده يحدث معي أمام أحلامي التي يقودها قلبي تحت وطأة عاطفتي التي تمردت على عقلي فنالت أستقلالها، واصبحت سيدة نفسها، تفعل ما يحلو لها دون العودة لبقية الجسد، إنها باتت جائعة  للحرية أكثر فأكثر، على الرغم انها الآن تنالها بقدر لم تكن يوما لتتخيله، والعقل المسكين الذي كان يملك زمام الأمور بات في خبر كان.. كسيح!

إنني مبتور الأصابع بعد أن غادرتني عاطفتي، والبيانو لازال يشدو بأسمي كي آتيه، وما الذي يمكن أن افعله بعد إتياني إليه سوى المزيد من الأحباط والعجز! إن الساعة التي لا يمكن أن يحركها الزمن لا يمكن أقناع الناس بشرائها.

الأحلام والواقع مجتمعين في عيني، متناغمين على أختلاف مصادرهما وطباعهما، أراهما أيضا يلاحقاني في عينيّ أنثى لها نفس لونين العينين المختلفتين! ماضي ومستقبل بينهما حاضر  مبتور! مثلي تمامًا، إنه الحاضر الذي اسعى لإستكماله معها كي تجد صورتنا ذاتها بين الصور المعلقة على حائط الذكريات، ولكني وانا في طريقي معها أسعى نحو الكمال .. غرقت في قاعها، وتجمدت حواسي كلها، لم اعد اراني كائنا متحركا كالصورة التي كنت عليها من قبل! لم يعد يُسمع لي صوت بعد ان توقف اللسان عن الحركة، إن كل شيء بات ساكنا تماما، إلا شيئين إثنين .. معدومين ثالث يجاورهما الحركة، وهما: صوت دقات تُسمع من شق صدري الأيسر، وساعة على معصمي الأيمن، الأولي تضخ الدم، والثانية تدفع الزمن الذي يقف امامي كحجر عثرة. 

إن البوابة التي فُتحت لي تلك، النحاسية العتيقة التي تشبه بوابات الاحياء القديمة التي كنا نعلّق عليها رؤوس أعدائنا الذين كانوا يعدّون لنا المكائد يوم كنّا أمة تستحوذ على المجد كله، يوم كان الرجال عملة رائجة في ذاك الوقت! تلك البوابة التي لم اعد قادر على نبشها بأظافري، والتي تحجب عني نور الشمس، من تأبى ان تمنحني حريتي، كانثى متوحشة سادية ترفض أن ترحل دون أن تمتلك كل من عجز عن امتلاكه اسلافها. هي ذاتها صاحبة العينين المتوردتين في وجهي، هي اللعنة التي تأبى ان تفارقني، هي الشفرة الغير قابلة للفك! هي التي تجد في مسعاها يوم أن تخاذلت أمام نفسي حين سنحت لي فرصة الهروب ولم اهرب ظناً مني أن الحياة تنسي بعضها بعضا، فما يأتي يوم إلا ويمحي الآخر، إلا انها لا تُنسى. هي الأقدار التي يأبى خالقنا أن يغيرها، أو يتيح لنا فرصة التغيير بأنفسنا، إنها الخطى التي تكتب علينا شئنا أو أبينا، انها الخلود في الأسر من أول رمق في الحياة إلى الخاتمة، إنها الصرخة التي يفهمها كل كائن حي برغم انعدام اللغة المنقولة على اسطرها، إنها سَكرة الموت التي لا تحتاج لتفسير كي يفهمها المشاهد ويعي نتيجتها. إنها البرقية التي يرسلها المرسل فارغة لاهلها ليتفحصوها ويعلموا ما فيها وإن كانت خالية من الاحبار فليست خالية من العنوان الذي استطاع الساعي ان يأتي بها من دون أن يخطئ مقر أهلها. هي الخواء الذي نجده في بطون الطبول الفارغة، الجنون الذي يأبى أن يتخلى عن العقل في ساعات الهزل. الشجن المتراص على الارصفة بين اقدام الباعة المتجولين الذين يقدمونه للناس ثمنا للحياة، انه الشيء الذي لا شيء فيه... 

كالهواء نحيا به... لكننا لا نراه.

********

الأكثر قراءة

المشاركات الأخيرة

تصنيف المشاركات

Unordered List

Text Widget

SamerElSemary © Samer El-Semary